من هنا وهناك

صراعات التيارات تعيق تقدم السعودية

محمد العريفي يجلس بجوار حمد العتيق هكذا ومن دون مقدمات تابع ملايين السعوديين هذه المشاهد غير المألوفة بالنسبة إليهم، وذلك خلال اللقاء الذي جمع فيه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إعلاميين، وشخصيات سعودية من مختلف التيارات والانتماءات عند إطلاق الرؤية السعودية 2030.
محمد العريفي الذي يحسبه البعض من «إفرازات تيار الصحوة»، وحمد العتيق الذي يصنفه آخرون على التيار الجامي، قد يعتبران مثالاً واضحاً على صراع التيارات القديم الجديد على الساحة السعودية.
وفي ما يبدو أنها رسالة غير مباشرة للتيارات السعودية كافة، جمع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شخصيات سعودية على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم لإيصال رسالة واضحة للجميع مفادها «السعودية الجديدة تتسع وتبنى بالجميع».
وبخلاف الصحافيين الذين حضروا المؤتمر الصحافي، الذي أجاب فيه الأمير محمد بن سلمان عن الاستفسارات، كان يجلس تحت سقف واحد شخصيات متباينة وربما متضادة تماماً في الآراء والتوجهات والرؤية.
ويعتقد مراقبون، أن ما قام به ولي ولي العهد يمثل رسالة لهؤلاء وغيرهم، أن بناء الوطن وتنميته ونجاح تحقيق رؤيته نحو مصاف الدول المتقدمة يتطلب توحيد الصفوف والتكاتف، مع وجود مساحة كافية للاختلاف في الآراء وتبادل وجهات النظر بشكل عقلاني وواقعي ومنطقي.
ويتفق الكاتب السعودي الدكتور زيد الفضيل على أن ولي ولي العهد يرمي إلى إرسال رسالة لكل التيارات تقول: «إننا أمام مرحلة جديدة من التحولات تفرض أن يكون هنالك حال حوار ووئام، ويجب أن تخدم كل التيارات خطة التحول الوطني، ونحتاج إلى مرحلة من الهدوء وعدم التجاذب لأن الوطن لا يحتمل اليوم حال التجاذب بين مختلف التيارات والأطراف».
وأشار الفضيل الحاصل على دكتوراه الفلسفة في التاريخ الحديث من قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز إلى أن رؤية التحديث التي يطمح إليها برنامج التحول الوطني تستلزم أن يفهم التيار الديني أن هناك الكثير من القضايا التي يجب أن يخوضها الوطن مستقبلاً طالما أنها ليست من المسلمات الدينية الرئيسة التي لا خلاف حولها.
ويورد الدكتور زيد رواية تراثية تقول بأن «شخصاً كان يمشي في الصحراء فرأى شيئاً من بعيد، فظنه للوهلة الأولى وحشاً، وعندما اقترب منه تبين فيه ملامح إنسان، وعندما اقترب منه أكثر فأكثر اكتشف أنه أخوه ابن أمه وأبيه». ويضيف: «نحتاج فقط إلى أن نقترب من بعضنا البعض بذهن صاف، وسنكتشف أنه لا يوجد أي سبب للخلاف طالما أننا متفقون على الجوهر ومختلفون على بعض التفاصيل».
واعتادت بعض التيارات على ممارسة شتى أنواع الاتهامات والتخوين في ما بينها، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، موقعين المواطن البسيط في حيرة من أمره عندما يتأمل ما تخطه أيدي من يسمون بالنخبة، ويتفقون على عدم الاتفاق. ويؤكد الفيلسوف الإسباني خوسيه أورتيغا أن «الوطنية ليست المحافظة على أرض آبائنا بقدر ما هي حماية أرض أولادنا». عليه يأمل كثيرون أن تتلقف مختلف التيارات «المتصارعة» رسالة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأهمية النظر لأبعد من تحت أقدامهم، فالسعودية الجديدة برؤيتها وتحولها الوطني تستوعب الجميع من دون إقصاء، من دون تخوين، من دون اتهامات، أو توزيع لصكوك الوطنية والانتماء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى